The hunger games

44423014.cached.jpg
(ألعاب الجوع ) …وهى تسمية صحيحة فيما عدا أنها ليست ألعابا بالمعنى الحرفى للكلمة وإنما هى حمام دم يقام بشكل دورى لا لشئ إلا لتسلية أغنياء العاصمة !!!!!

hero_EB20120320REVIEWS120319986AR.jpg
قد لا يكون أحد الافلام ذات الانتاج الضخم ، ولا الاخراج العبقرى ، ولا الأداء الصادم بشكل ملفت ، لكنه بعد يستحق التوقف عنده ﻷنه يحوى عمقا انسانيا خلف ستار فكرته السياسية نوعا …
سأتحدث فقط عن الجزء الاول لأنه البداية ، ولأنى أذكر بالظبط كيف شعرت حين شاهدته لأول مرة ….
الفيلم تدور أحداثه حول دولة انقسمت بعد أعوام من الطبقية الى جزئين .. مدينة كبيرة تسمى (الكابيتال ) تنعم بكل ما يخطر ببالك من الوان الرفاهية المطلقة ..
ومجموعة اخرى من المقاطعات الصغيرة الفقيرة التى تحيا فيما بينها بالمقايضة وتعيش على الفتات !!
الصورة قاتمة بما يكفى لكن الوضع يسوء اكثر عندما ندرك بأن اهل ( الكابيتال ) وبالرغم من توافر كل اساليب العيش الرغد لديهم الا ان عاملا مهما ينقصهم بشكل تستحيل معه الحياة …
الاثارة … التشويق .. الترقب لحدث غير مألوف مما يجعلنا نفكر بأنه من الحكمة فعلا ألا يعطى المرء كل شىء والا عاش بائسا !!
لابد من شىء نفتقده ، ونسعى بكل قوتنا للحصول عليه ما حيينا والا ما اصبح للحياة أى معنى …
وللقضاء على ( الملل ) فى هذه الحالة ، قام النظام بابتكار فكرة قاسية للتعويض على أهل ( الكابيتال ) ولتسليتهم ، ولضمان ولاء المقاطعات فى نفس الوقت !
تقوم الفكرة على إقامة ألعاب سنوية تضم أفرادا من المقاطعات الاثنى عشر يتم اختيارهم عشوائيا فى جلسة تسمى ( الحصاد ) بحيث يخرج من كل مقاطعة شاب وفتاة فى عمر المراهقة ويتم التنافس فيما بينهم على …. النجاة !!!!!!
فائز واحد فقط يتم تتويجه على جثث الباقين امام مرأى الجميع بلا استثناء …
حيث يقتصر هدف المشاهدة بالنسبة لاهل ( الكابيتال ) – المترفين الى حد المرض – على التسلية والتشجيع والرهان فيما بينهم للحصول على اكبر قدر
من الاثارة والتشويق !!
اما أهالى المقاطعات فالمشاهدة بالنسبة لهم تحمل (اﻷمل ) ولا شىء سواه … وهو الشعور الوحيد الاقوى من الخوف و الذى يجعلهم يشاهدون تلك اﻷلعاب الدموية محبوسى الانفاس على أمل ان يفوز من ينتمى اليهم !!!
نرى بهذه الطريقة كيف يسيطر النظام على شعبه بألعاب تحمل فى باطنها التهديد والعنف والقتل ، وفى ظاهرها التشويق والاثارة وكل هذا فى آن واحد …
لا أحد يجسر على الاعتراض ببساطة ﻷنهم يتوقون بشدة لتذوق طعم الفوز ولو لمرة واحدة فى حياتهم المليئة بالذل ومرارة الهزيمة !!!
أما الضحايا الحقيقيون فهم أبطال اللعبة الذين يمرون بما يشبه (غسيل المخ ) خلال الفترة القصيرة التى يعيشون فيها فى استضافة (الكابيتال ) حيث مالم تر اعينهم من قبل ، ويتم تحفيزهم بشدة للفوز باللقب فينسون سريعا الهدف من اللعبة وماتحمله من معانى وتضحيات ويتطلعون فحسب الى كلمة ( البطولة ) !!!
واﻷسوأ أنهم بجبرونهم – بأسلوب مدروس بعناية – أن يخرجوا أمام العالم والكاميرات فى أبهى صورة ليتملقوا اهل ( الكابيتال ) لسماع اصوات تصفيقهم و تشجيعهم ، وطمعا فى الحصول على مساعداتهم التى ستهبط عليهم من سماء اللعبة لاحقا !!

article-0-1263925D000005DC-966_634x357.jpg
مشاهد معينة استوقفتنى فى الفيلم …..
مشهد البطلة وهى تتطوع بحماس وحرقة لتحل محل شقيقتها الصغرى فى اللعبة ، ثم الدموع فى عينيها وهى تدرك ما يعنيه ان تصبح ( جزية ) رسميا وهو ان تقتل الاخرين لتنجو هى !!
ثم نظراتها المفعمة بالضياع وهى تقف امام الناس مضطرة لتملقهم على غير رغبتها او استطاعتها !!
الحقيقة ان شخصيتها مرسومة بجودة عالية فلا يظهرها الفيلم بطلة خارقة وانما انسانة طبيعية لم تسمح لظروفها ان ترغمها على التحول – كما يريدون -الى وحش عديم الرحمة ، لكنها فى نفس الوقت وبحكم غريزة البقاء تفعل ما يلزمها للنجاة دون ان تضطر الى قتل احد …..
ومن ثم نجدها تتحول الى رمز للثورة دون أن تدرى او تقصد فقط ﻷنها رفضت وقاومت بشراسة أن تصبح كالباقين ….
أحد مشاهد الفيلم المؤثرة تظهر شابا من أبطال اللعبة قد قام بكل ما يمكن للفوز باللقب بكل قسوة وهو يظن أنه يحسن صنعا ، الا أنه وعندما تحين لحظة النهاية ويقف أمام الموت وجها لوجه يفطن الى الفخ الذى تم دفعه اليه بدهاء باسم البطولة وقال فى حسرة جملته العالقة فى ذهنى حتى الآن :
لطالما كنت الضحية … لكنى لم أدرك ذلك سوى الان !
الفيلم يحرك الكثير من المشاعر ، ويدعو الى الثبات على المبدأ مهما أحاط الانسان من قوى للتغيير ، لكن اﻷهم أنه يظهر بجدارة وعن اقتناع ان للانسانية الكلمة اﻷخيرة حتى فى أحلك المواقف …..